ما هي أعراض الوسواس القهري؟ وكيف يمكن علاجه؟

الوسواس القهري (OCD) هو اضطراب عقلي يصيب الشخص ويوقعه ضمن دائرة من الأفكار والأحاسيس والمخاوف المتكررة في عقله بشكل غير مرغوب به، يشعر الشخص بسبب هذه الوساوس بالحاجة لتكرار فعل أمر مراراً وتكراراً. 

يؤثر الوسواس القهري سلبياً في حياة الأشخاص بشكل كبير، قد تظهر الأعراض في أي سن، ولكنها غالباً ما تبدأ عند الاقتراب من سن البلوغ أو خلال مرحلة البلوغ المبكر.

تتمحور الوساوس حول أمور وأفكار حياتية معينة، وعلى الرغم من محاولة الشخص لتجاهلها أو إيقاف الهواجس داخل عقله، لا يجد فائدة ويزيد ذلك من شعوره بالضيق والقلق، إذ يشعر أنه مرغم على فعل معين بشكل قهري، وتستمر الهواجس بالعودة كلما حاول المريض السيطرة عليها وهذه هي الحلقة المفرغة من الوسواس القهري.

تنقسم أعراض الوسواس القهري إلى الوساوس الفكرية والأفعال القهرية، لذا نشرح لكم الفرق قبل ذكر الأعراض.

الهوس أو الوسواس الفكري، هو فكرة تخطر على البال فجأة، أو دافع غير مرغوب يصيب العقل ويتردد بداخله حتى ينتاب الشخص مشاعر القلق وعدم الارتياح وتصل إلى الاشمئزاز أو الخوف من وعلى النفس.

أما كلمة "القهري" فارتبطت بهذا الاضطراب؛ لأن هذه الهواجس غالباً ما تدفع المريض لتكرار فعل أو سلوك معين؛ للتخفيف المؤقت من المشاعر المضطربة والقلقة الحاصلة.

نُعطيكم مثالًا عن أعراض هذا الاضطراب: شعور الشخص من خوف شديد ومفاجئ من تعرضه للسطو، تسيطر هذه الفكرة على عقله فيقوم بفحص جميع النوافذ والأبواب المغلقة عدة مرات، ومن ثم يتطور لبقائه في المنزل لاقتناعه بأن ذلك سوف يحدث بشكل حتمي.  

هل تخيلتم معي الآن كيف تمر الأحداث على هذا المريض؟ تعرفوا أكثر عن الأعراض في الفقرات التالية.

نذكر لكم بعض الأعراض الفكرية التي تهاجم عقل المريض وتحتله، إذ أن هذه الأفكار غير المرغوب فيها أو التخيلات المتطفلة على حياة المريض هي السبب الأول في ضيقه وشعوره بالقلق حتى وإن لم تتجسد في فعلٍ ما، وهي تشمل مواضيع مثل:

1. رهاب التلوث أو الجراثيم أو الأوساخ، ويتمثل ذلك في عدم الرغبة في الجلوس أو ملامسة شيء دون تعقيمه وغسله عدة مرات.
2. الخوف من المرض أو المعاناة من حالات طبية طارئة.
3. الشك المستمر في أي شيء وأي شخص، والتي يُلاحظها عبر طرح أسئلة هل أغلقت الباب؟ هل أطفأت الأنوار؟
4. النظام المفرط والحاجة لتناسق كل شيء وأي شيء.
5. الأفكار العدوانية أو المروعة، مثل: القتل أو الانتحار أو الإقدام على فعل غير صحيح، مثل: الصراخ أو التلفظ بكلمات غير لائقة.
6. الفكر المتطرف، وخاصةً في الموضوعات الجنسية أو الدينية.

يبدأ اضطراب الوسواس القهري في المراحل الشديدة بالتأثير في قدرة الشخص على العمل أو الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة وأداء المهام اليومية المطلوبة أو حتى الاهتمام بنفسه ورعايتها.

يغير هذا الاضطراب من حياة الأشخاص بشكل جذري، فنراهم يعانون من هوس بالنظافة والخوف من الجراثيم؛ ما يجعلهم يأخذون ساعات طويلة من اليوم في غسل اليدين أو الاستحمام أو تنظيف المنزل وتعقيمه. 

إنه مجرد مثال عن مدى الوقت الذي يهدره هؤلاء المرضى دون داع في الحالات المتطورة.

كمثال آخر قد نجد الوساوس تحولت لأفعال قهرية، مثل حالة الأم في أثناء الحمل أو بعد ولادة طفلها، إذ تشمل الوساوس التي تصيب الأم القلق بشأن إيذاء الطفل أو خوفها من عدم تعقيم زجاجات الرضاعة بشكل صحيح، فنجدها تمارس أفعال، مثل: التحقق المتكرر من جلوس الطفل جيداً أو التأكد أنه يتنفس.

وتلخيصاً معكم للأعراض المرتبطة بالوسواس القهري الشديد نذكر: 

1. الالتزام الصارم بروتين معين.
2. الخوف والقلق بشكل مستمر.
3. الشك الدائم.
4. النظافة بشكل مبالغ فيه.

كلها أفكار وممارسات يومية تُعطل وتؤرق راحة ومهام المريض وحياته اليومية.

اختبار الوسواس القهري هو أحد طرق تشخيص هذا الاضطراب، وتحديد شدة إصابة الشخص وتأثير الوساوس في حياته، يُعرف هذا الاختبار باسم "مقياس ييل براون للوسواس القهري (Yale-Brown Obsessive Compulsive Scale (Y-BOCS.

يشمل هذا التقييم عدة أسئلة متعلقة بالأفكار والسلوكيات الشائعة التي يعاني منها هؤلاء المرضى، مثل:

1. تكرار مواجهة أفكار مستمرة غير مرغوب فيها تسبب القلق.
2. الخوف من التلوث وتأثير ذلك في التعاملات والعلاقات الإنسانية.
3. الحاجة إلى ترتيب الأشياء أو التحقق منها بشكل متكرر ومبالغ فيه.
4. التفكير بأفكار مؤذية أو عدوانية.
5. مقدار الجهد المبذول للسيطرة على أفعال معينة، مثل: عدّ الأشياء أو تنظيف الأيدي.

كل هذه الأسئلة وغيرها والتي تساعد بشكل كبير على تحديد حالة المريض وتضعه على أول طريق المعرفة للتخلص من هذا الاضطراب وإدراك ما يمر به.

يختلف تسمية نوع الوسواس القهري الذي يعاني منه المريض على حسب المواضيع التي تشغل تفكيره والأفعال التي يقوم بها، فنجد الأنواع تنطوي على المواضيع التالية:

1. التنظيم، هو أكثرهم تميزاً وانتشاراً ويتميز مريضه بالحاجة لتنسيق وترتيب كل شيء وكل ما يرى بشكل مبالغ فيه، وإن لم يقم بذلك يشعر بضيق وتوتر.
2. التلوث، نرى مريض هذا النوع يخاف البكتيريا والتلوث بشكل لا يُعقل، يغسل أيديه حتى يهترئ الجلد ويجف، ينظف المنزل والأسطح لعدة ساعات يومية تعطله عن أداء واجباته.
3. الشك، إذ يُلاحظ على هذا المريض عدم ثقته بذاكرته أبداً وتفقده المتكرر لكل شيء يفعله أو يقوله حتى وإن كان الأمر قد حدث للتو.
4. الأفكار غير المقبولة أو المحرمة، يشعر مريض هذا النوع بأن لديه هواجس تبعده عن قيمه، قد تكون عنيفة أو محظورة اجتماعياً أو محرمة دينياً.

تعد أشد أنواع الوسواس القهري تلك التي تتسم بسلوكيات قهرية شديدة يقوم بها الأشخاص لمحاولة تخفيف القلق وقد تشمل هذه السلوكيات غسل اليدين بشكل مفرط، وسلوكيات إعادة التحقق، والعد، وتكرار الكلمات أو العبارات، أو ترتيب الأشياء بطريقة معينة. 

وعلى الرغم من أنه لا يمكن الحكم على نوع معين أنه أشد أنواع الوسواس القهري، فإن الأنواع التي تتضمن تصورات جنسية مثل التحرش بالأطفال، أو التخيلات المتعلقة بأذى الأشخاص الآخرين، تكون من أسوأ أنواع الوسواس القهري، وللأسف قد يكون من الصعب التحدث عنها بسبب الطبيعة الحساسة للهواجس. 

يُعد الخوف من الأعراض المرتبطة بالوسواس القهري الفكري، وعادةً ما يكون هو السمة المشتركة بين عديد من أنواع الوسواس القهري، ويتمثل في الخوف من: 

• الالتزام، والدخول في علاقة جادة. 
• اتخاذ القرارات خاصةً المصيرية. 
• اتخاذ القرار الخاطئ. 
• الخيانة. 
• الرفض. 
• المواجهة. 

تُوجد عدة طرق يتبعها الأطباء في علاج اضطراب الوسواس القهري وتشمل:

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، يساعد هذا على مواجهة المخاوف والأفكار الوسواسية والتحكم في النوبات القهرية.
2. العلاج بالقبول والالتزام (ACT): يساعد هذا السبيل من العلاج على تقبل هذه الأفكار والتعامل معها على قدر حجمها وأنها أفكار ليست حتمية وغير مقدرة بالحدوث الفعلي.
3. الأدوية وأهمها المضادة للاكتئاب، مثل: مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) والتي تهدف إلى إعادة توازن النواقل العصبية في الدماغ. تضم هذه المجموعة أدوية كفلوكسيتين (Fluoxetine)، وسيرترالين (Sertraline).

يستخدم بعض الاطباء أيضاً مجموعات دوائية أخرى من مضادات الاكتئاب، مثل: كلوميبرامين (Clomipramine).  

تساعد أساليب اليقظة، مثل: تمارين التأمل والاسترخاء أيضًا على علاج الأعراض. 

قد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تلاحظ نتائج علاج فعالة، ولكن الاستفادة من العلاج أمر نسبي على حسب مدى المواظبة واتباع تعليمات الطبيب.  

نهاية الوسواس القهري

قد لا يكون هناك علاج نهائي لهذه الوساوس وقد لا تختفي الرغبة في إجراء فعل قهري بشكل كامل، ولكن مع ذلك يمكن لهؤلاء المرضى أن يتعلموا كيفية الاعتراف بوساوسهم والعثور على الراحة والتخلص من القلق والتوتر دون التصرف بناءً على دوافعهم.

قد لا يؤدي علاج اضطراب الوسواس القهري إلى الشفاء التام لكنه قد يساعد على السيطرة على الأعراض حتى لا تؤثر بصورة كبيرة على الحياة اليومية، واعتمادًا على مدى خطورة أعراض اضطراب الوسواس القهري فقد تحتاج إلى علاج طويل الأمد أو لفترة قصيرة. 

 ويُعد العلاجان الرئيسيان لاضطراب الوسواس القهري هما العلاج النفسي ويُعرف أيضًا بالعلاج بالكلام (talk therapy) والأدوية وغالبًا ما يكون مزيج العلاجين أكثر فعالية. 

• العلاج النفسي 

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو نوع من العلاج النفسي، وهو فعال بالنسبة للعديد من الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري ويتضمن التعرض ومنع الاستجابة (ERP)، وهو جزء من العلاج السلوكي المعرفي، فمثلا تعريض الشخص بمرور الوقت لشيء مخيف أو هوس، مثل الأوساخ ثم تعليمه طرقًا لعدم القيام بالوسواس القهري ويتطلب ذلك بذل الجهد والممارسة، ولكن يحصل الشخص على نوعية حياة أفضل بمجرد تعلم كيفية التعامل مع الهواجس والسلوكيات القهرية.  

• الأدوية 

تساعد بعض الأدوية النفسية على السيطرة على هواجس وسلوكيات الوسواس القهري وفي أغلب الأحيان، يتم تجربة مضادات الاكتئاب أولاً وتتضمن تلك التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج اضطراب الوسواس القهري. 

يجب وضع في الاعتبار ما يلي عند التحدث مع طبيبك حول الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب الوسواس القهري: 

• اختيار الدواء: الهدف من الدواء هو التحكم في الأعراض بفعالية بأقل جرعة ممكنة، ولكن قد يتطلب اضطراب الوسواس القهري أحيانًا جرعات أعلى من الأدوية لتكون أكثر فعالية في التحكم في الأعراض. 
• الآثار الجانبية للأدوية: قد يكون لجميع الأدوية النفسية آثار جانبية لذا أخبر طبيبك إذا كنت تعاني من أي آثار مزعجة. 
• خطر الانتحار: معظم مضادات الاكتئاب آمنة بشكل عام، لكن قد يحدث ذلك بشكل خاص في الأسابيع القليلة الأولى بعد بدء العلاج أو عند تغيير الجرعة دون الرجوع للطبيب. 
• التفاعلات مع مواد أخرى: أخبر طبيبك عن أي أدوية أخرى تتناولها سواء بوصفة طبية أو دون وصفة طبية، أو أعشاب أو مكملات أخرى، إذ يمكن لبعض مضادات الاكتئاب أن تجعل بعض الأدوية الأخرى أقل فعالية وتسبب ردود فعل خطيرة. 
• عدم التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب فجأة: لا يُعتقد أن مضادات الاكتئاب تسبب الإدمان، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يحدث الاعتماد الجسدي ويمكن أن يؤدي التوقف عن العلاج فجأة أو تفويت عدة جرعات إلى ظهور أعراض تشبه أعراض الانسحاب. يُطلق على هذا أحيانًا متلازمة التوقف لذا لا تتوقف عن تناول أدوية الوسواس القهري دون التحدث إلى طبيبك، حتى لو شعرت بتحسن.

تساعد بعض مضادات الاكتئاب على علاج الوسواس القهري والسيطر ة على أعراضه، مثل:

• بروزاك Prozac.
• فافيرين Faverin.
• باروكسات Paroxat.

لا تصرف الأدوية السابقة إلا بوصفة طبية من قِبل الأخصائي النفسي.

يُشكل الوسواس القهري عبئاً كبيراً على حياة كل من يعاني منه، إنه عبارة عن أفكار وأفعال متكررة وهواجس متجددة لا تنتهي. تكمن خطورة الأمر وأهميته في تأثير هذا الاضطراب النفسي في حياة المريض ومن حوله، وقدرته على أداء مهامه؛ لذا إذا مررت أنت أو أحد أحبائك بمثل هذه الأعراض التي ذكرناها لا تتردد في استشارة المختصين، إن لديهم من العلم وسُبل العلاج ما يجعلك تنقذ حياتك وتعيش أكثر هدوءاً.

اقرأ أيضًا: اشهر اعراض نقص فيتامين د النفسية

 احجز الآن للحصول على رعاية طبية عالية الجودة وفحوصات دورية شاملة في عيادات مستشفى أندلسية أفضل مركز عيادات في جدة لصحة العائلة احجز معنا واستمتع بخدمة صحية متفردة لتأمين سلامة عائلتك، من هنــــــــــا.